وكما أن الإحسان إلى الحيوان والرفق به عبادة من العبادات التى قد تصل فى بعض الأحيان إلى أعلى الدرجات وأقوى أسباب المغفرة؛ فإن الإساءة للحيوان تعد معصية تودى بصاحبها إلى أعمق دركات الإثم والعذاب!
وفى ذلك يقول الرسول صلّى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم:
«عذبت امرأة فى هرة لم تطعمها ولم تسقها، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض» .
وروى البخارى بسنده إلى أسماء بنت أبى بكر أن النبى صلّى الله عليه وسلم قال:
« ... ودنت منّى النار حتى قلت: أى ربّ وأنا معهم؛ فإذا امرأة حسبت أنه قال: تخدشها هرّة- قلت: ما شأن هذه؟ قالوا:
حسبتها حتى ماتت جوعا» .
قال النووى فى شرح هذا الحديث عن مسلم (٩/ ٨٩)«إن المرأة كانت مسلمة، وأنها دخلت النار بسببها، وهذه المعصية ليست صغيرة؛ صارت بإصرارها كبيرة» .
هذا هو الإسلام، وهذه هى تعاليمه ومبادئه السمحة، حرم تعذيب الحيوان، ولعن المخالفين على مخالفتهم، ولا أدل على ذلك مما رواه مسلم بسنده إلى ابن عباس أن النبى صلّى الله عليه وسلم مر على حمار قد وسم فى وجهه فقال:
«لعن الله الذى وسمه!» .
وفى رواية:«نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الضرب فى الوجه، وعن الوسم فى الوجه» .
وروى الطبرانى بإسناد جيد مختصرا:
«أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم لعن من يسم فى الوجه» .
والأحاديث فى النهى عن الكىّ فى الوجه أو الضرب كثيرة تدل على أن هذا الدين دين الرحمة والشفقة، ولقد حرمت الشريعة أن تقتل الحيوانات صبرا، أى تحبس لترمى حتى تموت.