جلوسا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذ أقبل علينا بعير يعدو حتى وقف على هامة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ورغا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«أيها البعير اسكن. فإن تك صادقا فلك صدقك، وإن تك كاذبا فعليك كذبك، مع أن الله قد أمن عائذنا، وليس بخائف لائذنا» .
فقلنا: يا رسول الله؛ ما يقول هذا البعير؟ فقال صلّى الله عليه وسلم:«هذا بعير قد هم أهله بنحره وأكل لحمه، فهرب منهم واستغاث بنبيكم» .
فبينما نحن كذلك إذا أقبل أصحابه يتعادون، فلما نظر إليهم البعير عاد إلى هامة رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلاذ بها. فقالوا: يا رسول الله؟ هذا بعيرنا هرب منذ ثلاثة أيام فلم نلقه إلا بين يديك. فقال النبى صلّى الله عليه وسلم:«أما إنه يشكو إلىّ ويبث الشكاية» .
فقالوا: يا رسول الله، ما يقول؟ قال: يقول: «إنه ربّى فى أمنكم أحوالا، وكنتم تحملون عليه فى الصيف إلى موضع الكلأ، فإذا كان الشتاء حملتم عليه إلى موضع الدفء. فلما كبر استفحلتموه، فرزقكم الله تعالى منه إبلا سائمة، فلما أدركته هذه السنة الخصبة هممتم بنحره وأكل لحمه» فقالوا: يا رسول الله؛ قد والله كان ذلك! فقال عليه الصلاة والسلام:«ما هذا جزاء المملوك الصالح من مواليه» فقالوا: يا رسول الله، فإنا لا نبيعه ولا ننحره، فقال النبى:«كذبتم، فقد استغاث بكم فلم تغيثوه وأنا أولى بالرحمة منكم، فإن الله تعالى قد نزع الرحمة من قلوب المنافقين وأسكنها فى قلوب المؤمنين» .
فاشتراه عليه الصلاة والسلام منهم بمئة درهم وقال: «أيها البعير