قال: وما هي؟ قال: لا أذكرها حتى تتضمّن قضائها؛ قال: قد فعلت؛ قال:
حاجتي ألّا تسألني هذه الحاجة؛ قال: رجعت عما أعطيتك؛ قال ثمامة «١» : لكنّي لا أردّ ما أخذت.
قال الجاحظ: تمشّى قوم إلى الأصمعيّ مع رجل اشترى منه ثمرة نخله، فناله فيها خسران وسألوه حسن النظر له؛ فقال الأصمعيّ: أسمعتم بالقسمة الضّيزى «٢» ! هي ما تريدون شيخكم عليه، اشترى منّي على أن يكون الخسران عليّ والربح له! اذهبوا فاشتروا لي طعام السّواد «٣» على هذا الوجه والشرط. ثم قال: هاهنا واحدة هي لكن دوني، ولا بدّ من الاحتمال لكن إذا لم تحتملوا لي، هذا ما مشيتم معه إلا وأنتم توجبون حقّه وتحبّون رفده، ولو كنت أوجب له مثل الذي توجبون لقد كنت أغنيته عنكم، ولكن لا أعرفه ولا يضرّنني بحقّ؛ فهلمّ فلنتوزّع هذا الخسران بيننا بالسوء؛ فقاموا ولم يعدوا، وأيس التاجر فخرج له من حقّه.
قال يزيد بن عمير الأسيّدي لبنيه: يا بنيّ، تعلّموا الردّ فإنه أشدّ من الإعطاء، ولأن يعلم بنو تميم أن عند أحدكم مائة ألف درهم أعظم له في أعينهم من أن يقسمها فيهم، ولأن يقال لأحدكم: بخيل وهو غني خير له من أن يقال: سخيّ وهو فقير.