ورائكم زمانا شديا، فشدّوا الأزر «١» على أنصاف البطون، وصغّروا اللّقم، وشدّدوا المضغ، ومصّوا الماء مصّا. وإذا أكل أحدكم فلا يحلّنّ إزاره فتتّسع أمعاؤه. وإذا جلس أحدكم ليأكل فليقعد على أليتيه، وليلزق بطنه بفخذيه، وإذا فرغ فلا يقعد وليجىء وليذهب؛ واحتموا «٢» فإنّ من ورائكم زمانا شديدا.
وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ساقي القوم آخرهم شربا» .
وعن الجارود بن أبي سبرة قال: قال لي بلال بن أبي بردة: أتحضر طعام هذا الشيخ- يعني عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر-؛ فقلت: إيها «٣» والله؛ فقال: حدّثني عنه. فقلت: نأتيه وكان سكّيتا «٤» ، إن حدّثنا أحسن الحديث، وإن حدّثناه أحسن الاستماع، فإذا حضر الغداء جاء خبّازه فمثل بين يديه؛ فيقول: ما عندك؟ فيقول: بطّة بكذا، ودجاجة بكذا وكذا. قال: وما يريد بذاك؟ قلت: كي يحبس «٥» كلّ إنسان نفسه إلى ما يشتهي، فإذا وضع الخوان «٦» خوّى «٧» تخوية الظليم «٨» فما له إلا موضع متّكئه فيجدّ ويهزل، حتى إذا رآهم قد فتروا وكلّوا «٩» أكل معهم أكل الجائع المقرور «١٠» حتى ينشّطهم بأكله.