وكان يقال: إذا اجتمع للطعام أربع كمل: أن يكون حلالا، وأن تكثر عليه الأيدي، وأن يفتتح باسم الله، ويختتم بحمد الله.
وكان يقال: سمّوا إذا أكلتم ودنّوا وسمّتوا «١» .
قال أپرويز لصاحبي طعامه وشرابه: إني سلّطتكما على المعشية، وأشركتكما في الحياة، وجعلتكما أمينين على نفسي، وولّيتكما من طعامي وشرابي ما التوسعة فيه مروءة والتضييق فيه دناءة؛ فاجعلاه في فضله على ما سواه كفضلي على من سواي، وفي كثرته ككثرة من معي على من مع غيري. ولا يشهدنّ طعامي الذي آكل عين تراه ولا نفس تحسّه ولا يد تداوله خلا نفسا واحدة؛ وإنما أفردته بذلك لتستحكم الحجّة فيه على من أضاع، وتنقطع الشبهة فيه عمن غفل، ولأجعل صاحب ذاك رهنا بدم نفسه إن هو قصّر في صنعه أو أوقع بغائلة «٢» .
الأصمعيّ قال حدّثني ابراهيم بن صالح: أنه كان له جام «٣» من حبّ رمّان مدقوق يسفّ منه بين كل لونين ملعقة حتى يعرف اختلاف الألوان.
وفيما أجاز لنا عمرو بن بحر من كتبه قال: كان أبو عبد الرحمن الثّوريّ يقعد ابنه معه على خوانه يوم الرأس، ثم يقول: إياك ونهم الصبيان وأخلاق النوائح، ودع «٤» عنك خبط الملّاحين والفعلة، ونهش الأعراب والمهنة، وكل من بين يديك؛ فإنّ حظّك الذي وقع وصار إليك. واعلم أنه إذا كان في الطعام شيء طريف أو لقمة كريمة أو بضعة شهيّة «٥» ، فإنما ذلك للشيخ