للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواحد لا بدّ له من لحم بدرهم، ونقل بطسّوج «١» ، وريحان بقيراط «٢» ، ومن أبزار للقدر وحطب للوقود؛ وهذا كله غرم وشؤم وحرمان وحرفة «٣» وخروج من العادة الحسنة. فإن كان النديم غير موافق فأهل السجن أحسن حالا مني، وإن كان موافقا فقد فتح الله على ما لي به بابا من التّلف، لأنه حينئذ يسير في مالي كسيري في مال غيري ممّن هو فوقي. فإذا علم الصديق أن عندي داذيّا «٤» أو نبيذا دقّ على الباب دقّ المدلّ، فإن حجبناه فبلاء، وإن أدخلناه فشقاء. وإن بدا لي في استحسان حديث الناس كما يستحسنه مني من أكون عنده، فقد شاركت المسرفين، وفارقت إخواني الصالحين، وصرت من إخوان الشياطين؛ والله تقدّست أسماؤه يقول: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ

«٥» ؛ فإذا صرت كذلك فقد ذهب كسبي من مال غيري، وصار غيري يكتسب منّي؛ وأنا لو ابتليت بأحدهما لم أقم به فكيف إذا ابتليت بأن أعطي ولا آخذ، وبأن أوكّل ولا آكل! أعوذ بالله من الخذلان بعد العصمة، ومن الحور بعد الكور «٦» ؛ ولو كان هذا في الحداثة كان أهون. هذا الدّوشاب دسيس من الحرفة، وكيد من الشيطان، وخدعة من الحسود، وهو الحلاوة التي تعقب المرارة. ما أخوفني أن يكون أبو سليمان قد ملّني فهو يحتال لي الحيل!.

وحكي عن الحارثيّ أنه قال: الوحدة خير من جليس السوء، وجليس السوء خير من أكيل السوء؛ لأن كلّ أكيل جليس وليس كل جليس أكيلا؛ فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>