ببالي قطّ، ولكن أوّل ذاك كراء الحمّال «١» ، فإذا صار إلى المنزل صار سببا لطلب العصيدة والارزّة والستندفود «٢» ، فإن بعته فرارا من هذا البلاء صيّرتموني شهرة «٣» ، وإن أنا حبسته ذهب في العصائد وأشباهها، وجذب ذلك شراء السّمن، ثم جذب السمن غيره، وصار هذا الدّوشاب علينا أضرّ من العيال؛ وإن أنا جعلته نبيذا احتجت إلى كراء القدور وإلى شراء الحبّ «٤» وإلى شراء الماء وإلى كراء من يوقد تحته؛ فإن ولّيت ذلك الخادم اسودّ ثوبها وغرّمتنا ثمن الأشنان «٥» والصابون، وازدادت في الطّعم على قدر الزيادة في العمل؛ فإن فسد ذهبت النفقة باطلا ولم نستخلف «٦» منها عوضا بوجه من الوجوه، لأن خلّ الدّاديّ «٧» يخضب اللّحم ويغيّر الطّعم ويسوّد المرقة ولا يصلح إلا للاصطباغ. وإن سلم- وأعوذ بالله- وجاد وصفا لم نجد بدّا من شربه ولم تطب أنفسنا بتركه؛ فإن قعدت في البيت أشربه لم يمكن ذلك إلا بترك سلاف «٨» الفارسيّ المعسّل، والدّجاج المسمّن، وجداء كسكر «٩» وفاكهة الجبل والنّقل الهشّ والرّيحان الغضّ، عند من لا يغيض «١٠» ماله، ولا تنقطع مادّته، وعند من لا يبالي على أي قطريه «١١» سقط مع فوت الحديث المؤنس والسّماع الحسن؛ وعلى أنّى إن جلست في البيت أشربه لم يكن بدّ من واحد، وذلك