للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممتنعا، وربما كان من جوهر بطيء الفتور، وأصحابنا في سهول ازدراد الحارّ عليهم في طبائع النّعام، وأنا في شدّة الحارّ عليّ في طباع السّباع، فإن نظرت «١» إلى أن يمكن أتوا على آخره، وإن أنا بادرت مخافة الفوت وأردت أن أشاركهم في بعضه لم آمن ضرره؛ والحارّ بما قتل وربما أعقم وربما أبال الدم. قال: وعوتب على تركه إطعام الناس معه وهو يتخذ فيكثر، فقال: أنتم لهذا أترك مني، فإن زعمتم أنني أكثر مالا وأعدّ، عدّة، فليس بين حالي وحالكم من التفاوت أن أطعم أبدا وتأكلوا أبدا، فإذا أتيتم من أموالكم من البذل على قدر احتمالكم، علمت أنكم الخير أردتم، وإلى تزييني ذهبتم، وإلا فإنّكم إنّما تحلبون حلبا لكم شطره «٢» .

قال: كان أبو ثمامة أفطر ناسا وفتح بابه فكثر عليه الناس، فقال: إن الله لا يستحي من الحقّ، وكلّكم واجب الحق، ولو استطعنا أن نعمّكم بالبرّ كنتم فيه سواء ولم يكن بعضكم أولى به من بعض؛ كذلك أنتم إذا عجزنا أو بدا لنا، فليس بعضكم أحقّ بالحرمان والاعتذار إليه من بعض، ومتى قرّبت بعضكم وفتحت بابي لهم وباعدت الآخرين، لم يكن في إدخال البعض عذر، ولا في منع الآخرين حجّة؛ فانصرفوا ولم يعودوا.

قال: وكان محمد بن أبي المؤمّل يقول: قاتل الله رجلا كنّا نؤاكلهم، ما رأيت قصعة رفعت من بين أيديهم إلا وفيها فضل، وكانوا يعلمون أن إحضار

<<  <  ج: ص:  >  >>