للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العجوة «١» ؛ وإنما بقيت عليكم الآن عقبة؛ أنا أقدر أن أبتلع النوى وأعلفه الشّاء، ولكن أقول هذا بالنظر لكم.

وكان يقول لهم: كلوا الباقلاء بقشوره، فإن الباقلاء يقول: من أكلني بقشوري فقد أكلني، ومن لم يأكلني بقشوري فأنا آكله؛ فما حاجتكم إلى أن تصيروا طعاما لطعامكم، وأكلا لما جعل أكلا لكم.

قال: وحمّ هو وعياله فلم يقدروا على أكل الخبز، فربح أقواتهم في تلك الأيام؛ ففرح وقال: لو كان في منزل سوق الأهواز ونطاة «٢» خيبر رجوت أن أستفضل في كلّ سنة مائة دينار.

قال: ودعا موسى بن جناح جماعة من جيرانه ليفطروا عنده في [شهر رمضان] «٣» ، فلما وضعت المائدة أقبل عليهم ثم قال لهم: لا تعجلوا، فإنّ العجلة من عمل الشيطان. ثم وقف وقفة ثم قال: وكيف لا تعجلون والله تعالى يقول: وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا

«٤» . اسمعوا ما أقول لكم، فإن فيه حسن المؤاكلة والتبعّد من الأثرة، والعاقبة الرشيدة، والسيرة المحمودة: إذا مدّ أحدكم يده ليستقي ماء فأمسكوا أيديكم حتى يفرغ، فإنكم تجمعون عليه خصالا: منها أنكم تنغّصون عليه في شربه، ومنها أنه إذا أراد اللّحاق بكم فلعلّه يتسرّع إلى لقمة حارّة فيموت، وأدنى ذلك أن تبعثوه على الحرص وعلى عظم اللقم. ولهذا قال بعضهم وقد قيل له: لم تبدأ بأكل اللحم؟ قال: لأن اللّحم ظاعن والثريد مقيم. وأنا وإن كان الطعام طعامي فإني كذلك أفعل؛

<<  <  ج: ص:  >  >>