على السكّان أن يكون له روث الدابّة، وبعر الشاة، ونشوار «١» العلوقة؛ وألّا يخرجوا عظما ولا يخرجوا كناسة، وأن يكون له نوى التمر، وقشور الرمّان، والغرفة من كل قدر تطبخ للحبلى في بيته؛ وكان في ذلك يتنزّل «٢» عليهم، فكانوا لطيبه وإفراط بخله يحتملون ذلك.
وقال دعبل: أقمنا يوما عند سهل بن هارون، فأطلنا الحديث حتى اضطّره الجوع إلى أن دعا بغدائه، فأتي بصحفة عدمليّة «٣» فيها مرق لحم ديل عاس «٤» هرم ليس قبلها ولا بعدها غيرها، لا تحزّ «٥» فيه السكين، ولا تؤثّر فيه الأضراس، فاطّلع في القصعة وقلّب بصره فيها، فأخذ قطعة خبز يابس فقلب بها جميع ما في الصفحة ففقد الرأس، فبقي مطرقا ساعة، ثم رفع رأسه إلى الغلام وقال: أين الرأس؟ قال: رميت به؛ قال: ولم؟ قال: ما ظننت أنك تأكله ولا تسأل عنه «٦» ! قال: ولأيّ شيء ظننت ذلك؟ فو الله إني لأمقت «٧» من يرمي برجله فيكف من يرمي برأسه! والرأس رئيس، وفيه الحواسّ الخمس، ومنه يصيح الديك، ولولا صوته ما أريد، وفيه عرفه الذي يتبرّك به، وفيه عينه التي يضرب بها المثل فيقال: شراب كعين الديك «٨» ودماغه عجب لوجع الكلية، ولن ترى عظما قطّ أهشّ من عظم رأسه؛ فإن كان من نبل أنك لا تأكله فإنّ عندنا من يأكله. أو ما علمت أنه خير من طرف الجناح ومن الساق