وكنّ اذا ما قلن شيئا يسرّه ... أسرّ الرّضا في نفسه وتحرّما «١»
وقال ابن المقفّع: إيّاك ومشاورة النساء، فإنّ رأيهنّ إلى أفن «٢» ، وعزمهنّ الى وهن «٣» . واكفف عليهنّ من أبصارهنّ بحجابك إيّاهنّ، فإنّ شدّة الحجاب، خير لك من الارتياب. وليس خروجهنّ بأشدّ من دخول من لا تثق به عليهنّ، فإن استطعت ألّا يعرفن عليك فافعل. ولا تملّكنّ امرأة من الأمر ما جاوز نفسها، فإن ذلك أنعم لحالها وأرخى لبالها؛ وأدوم لجمالها، وإنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة «٤» ، فلا تعد بكرامتها نفسها، ولا تعطها أن تشفع عندك لغيرها. ولا تطل الخلوة مع النساء فيمللنك وتملهنّ؛ واستبق من نفسك بقيّة، فإنّ إمساكك عنهنّ وهنّ يردنك باقتدار، خير من أن يهجمن عليك على انكسار. وإيّاك والتغاير في غير موضع غيرة، فإنّ ذلك يدعو الصحيحة منهنّ الى السّقم.
كان المأمون يقول: الغيرة بهيميّة. وقال أيضا: هي ضرب من البخل.
أنشدني محمد بن عمر للخزيميّ:[السريع]
ما أحسن الغيرة في حينها ... وأقبح الغيرة في غير حين
من لم يزل متّهما عرسه ... متّبعا فيها لقول الظّنون «٥»
يوشك أن يغريها بالذي ... يخاف أن يبرزها للعيون
حسبك من تحصينها وضعها ... منك الى عرض صحيح ودين
لا يطلعن منك على ريبة ... فيتبع المقرون حبل القرين