مطر وندى فلهوا عنه؛ فلما كان في آخر اللّيل وذهب السحاب وطلع القمر، خرجت وهي تريده وقد أصابها الطلّ، فنشرت شعرها وأعجبتها نفسها ومعها جارية من الحيّ، فقالت: هل لك في عبّاس؟ فخرجنا تمشيان، ونظر إليهما وهو على المرقب، فظنّ أنهما ممن يطلبه، فرمى بسهم فما أخطأ قلب الجارية ففلقه! وصاحت الأخرى، فانحدر من الجبل وإذا هو بالجارية في دمها؛ فقال:[مجزوء الكامل]
نعب الغراب بما كره ... ت ولا إزالة للقدر
تبكي وأنت قتلتها ... فاصبر وإلّا فانتحر
ثم وجأ «١» في أوداجه بمشاقصه «٢» ، وجاء الحيّ فوجدوهما مقتولين فدفنوهما!.
قال خلّاد الأرقط: سمعت مشايخنا من أهل مكة يذكرون أن القسّ «٣» ، وهو مولى لبني مخزوم، كان عند أهل مكة بمنزلة عطاء بن أبي رباح، وأنه مرّ يوما بسلّامة «٤» وهي تغنّي، فوقف يسمع؛ فرآه مولاها فدنا منه فقال: هل لك في أن تدخل وتستمع؟ فأبى، ولم يزل به فقال: أقعدك في موضع لا تراها ولا تراك، ففعل، ثم غنت فأعجبته؛ فقال: هل لك في أن أحوّلها إليك؟ فتأبّى. ثم أجاب، فلم يزل به حتى شغف بها وشغفت به، وعلم ذلك أهل مكة. فقالت له يوما وقد خلوا: أنا والله أحبّك؛ فقال: وأنا