التي يتخوّف فيها البيات. وليحترس صاحب الجيش من انتشار الخبر عنه فإنّ في انتشاره فساد العسكر وانتقاضه. وإذا كان أكثر من في الجند من المقاتلة مجرّبين ذوي حنكة وبأس فبدار العدوّ الجند إلى الوقعة خير للجند. وإذا كان أكثرهم أغمارا ولم يكن من القتال بدّ فبدار الجند إلى مقاتلة العدوّ أفضل للجند. وليس ينبغي للجند أن يقاتلوا عدوّا إلا أن تكون عدّتهم أربعة أضعاف عدّة العدوّ أو ثلاثة أضعافهم، فإن غزاهم عدوّهم لزمهم أن يقاتلوهم بعد أن يزيدوا على عدّة العدوّ مثل نصف عدّتهم. وإن توسّط العدوّ بلادهم لزمهم أن يقاتلوهم وإن كانوا أقل منهم، وينبغي أن ينتخب للكمين من الجند أهل جرأة وشجاعة وتيقّظ وصرامة وليس بهم أنين ولا سعال ولا عطاس ويختار لهم من الدواب ما لا يصهل ولا ينهت «١» ، ويختار لكمونهم مواضع لا تغشى ولا تؤتى، قريبة من الماء حتى ينالوا منه إن طال مكثهم، وأن يكون إقدامهم بعد الرويّة والتشاور والثقة بإصابة الفرصة، ولا يخيفوا سباعا ولا طيرا ولا وحشا. وأن يكون إيقاعهم كضريم الحريق، وليجتنبوا الغنائم ولينهضوا من المكمن متفرقين إذا ترك العدوّ الحراسة وإقامة الرّمايا، وإذا أونس من طلائعهم توان وتفريط وإذا أمرجوا دوابّهم في الرعي، وأشدّ ما يكون البرد في الشتاء وأشدّ ما يكون الحر في الصيف. وأن يرفضّوا ويفترقوا إذا ثاروا من مكمنهم بعد أن يستخير بعضهم بعضا وأن يسرعوا الإيقاع بعدوّهم ويتركوا التلبّث والتلفّت.
وينبغي للمبيّتين أن يفترصوا البيات إذا هبّت ريح أو أونس من نهر قريب منهم خرير فإنه أجدر ألا يسمع لهم حسّ. وأن يتوخّى بالوقعة نصف الليل أو أشدّ ما يكون إظلاما. وأن يصير جماعة من الجند وسط عسكر العدوّ وبقيتهم حوله، ويبدأ بالوقعة من يصير منهم في الوسط ليسمع بالضجّة والضوضاء من