للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الموضع لا من حوله، وأن يشرّد قبل الوقعة الأفره فالأفره من دوابّهم ويقطّع أرسانها وتهمز بالرماح في أعجازها حتى تتحيّر وتعير ويسمع لها ضوضاء، وأن يهتف هاتف ويقول: يا معشر أهل العسكر، النجاء النجاء فقد قتل قائدكم فلان وقتل خلق وهرب خلق. ويقول قائل: أيها الرجل، استحيني لله. ويقول آخر: العفو العفو. وآخر: أوّه أوّه، ونحو هذا من الكلام. وليعلم أنه إنما يحتاج في البيات «١» إلى تحيير العدوّ وإخافته وليجتنبوا التقاط الأمتعة واستياق الدوابّ وأخذ الغنائم. قال: وينبغي في محاصرة الحصون أن يستمال من يقدر على استمالته من أهل الحصن والمدينة ليظفر منهم بخصلتين:

إحداهما استنباط أسرارهم، والأخرى إخافتهم وإفزاعهم بهم، وأن يدسّ منهم من يصغّر شأنهم ويؤيسهم من المدد ويخبرهم أنّ سرّهم منتشر في مكيدتهم، وأن يفاض حول الحصن ويشار إليه بالأيدي كأن فيه مواضع حصينة وأخر ذليلة ومواضع ينصب المجانيق «٢» عليها ومواضع تهيّأ العرّادات «٣» لها ومواضع تنقب نقبا ومواضع توضع السّلالم عليها ومواضع يتسوّر منها ومواضع يضرم النار فيها ليملأهم ذلك رعبا، ويكتب على نشّابة «٤» : إياكم أهل الحصن والاغترار وإغفال الحراسة، عليكم بحفظ الأبواب فإن الزمان خبيث وأهله أهل غدر فقد خدع أكثر أهل الحصن واستميلوا، ويرمى بتلك النّشابة في الحصن ثم يدسّ لمخاطبتهم المنطيق «٥» المصيب الدّهيّ الموارب المخاتل غير المهذار ولا المغفّل. وتؤخّر الحرب ما أمكن ذلك فإن في المحاربة جرأد منهم على من

<<  <  ج: ص:  >  >>