كالذهب، لم نكثر فنتواكل ولم نقلّ فنذلّ. قال: فكيف كنتم تقهرون من ناوأكم ولستم بأكثر منهم عددا ولا مالا؟ قال: كنا نصبر بعد اللقاء هنيهة.
قال: فلذلك إذا. قيل لعنترة العبسيّ: كم كنتم يوم الفروق؟ «١» قال: كنا مائة لم نكثر فنفشل ولم نقلّ فنذلّ. وكان يقال: النصر مع الصبر. ومن أحسن ما قيل في الصبر، قول نهشل «٢» بن حرّي بن ضمرة: [طويل]
ويوم كأنّ المصطلين بحرّه ... وإن لم تكن نار قيام على الجمر
صبرنا له حتى يبوخ وإنما ... تفرّج أيام الكريهة بالصبر
ومثله قول الآخر:[طويل]
بكى صاحبي لمّا رأى الموت فوقنا ... مطلّا كإطلال السّحاب إذا اكفهر
فقلت له لا تبك عينك إنما ... يكون غدا حسن الثناء لمن صبر
فما أخّر الإحجام يوما معجّلا ... ولا عجّل الإقدام ما أخّر القدر
فآسى على حال يقلّ بها الأسى ... وقاتل حتى استبهم الورد والصّدر
وكرّ حفاظا خشية العار بعد ما ... رأى الموت معروضا على منهج المكر
وقال أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه لخالد بن الوليد حين وجهه:
احرص على الموت توهب لك الحياة. وتقول العرب: الشجاع موقّى. وقالت الخنساء:[متقارب]