هممنا بالإقامة ثم سرنا ... كسير حذيفة الخير ابن بدر
قال الشّرقيّ بن القطامي: خرجت من الموصل أريد الرّقّة فصحبني فتى من أهل الجزيرة وذكر أنه من ولد عمرو بن كلثوم ومعه مزود وركوة وعصا، ورأيته لا يفارقها مشاة كنّا أو ركبانا وهو يقول: إن الله جعل جماع أمر موسى وأعاجيبه وبراهينه ومآربه في عصاه، ويكثر من هذا وأنا أضحك متهاونا بما يقول، فتخلّف المكاري فكان حمار الفتى إذا وقف أكرهه بالعصا ويقف حماري ولا شيء في يدي فيسبقني إلى المنزل فيستريح ويريح ولا أقدر على البراح حتى يوافيني المكاري، فقلت: هذه واحدة. ثم خرجنا من غد مشاة فكان إذا أعيا توكّأ على العصا وربما أحضر ووضع طرفا على الأرض فاعتمد عليها ومرّ كأنه سهم زالج حتى انتهينا وقد تفسّخت من الكلال وإذا فيه فضل كثير، فقلت: وهذه أخرى. فلما كان في اليوم الثالث هجمنا على حيّة منكرة فسارت إلينا فأسلمته إليها وهربت عنها فضربها بالعصا حتى قتلها، فقلت:
هذه ثالثة، وهي أعظمهنّ. وخرجنا في اليوم الرابع وبنا قرم «١» إلى اللحم فاعترضنا أرنب فحذفها بالعصا وأدركنا ذكاتها فقلت: هذه رابعة. فأقبلت عليه فقلت: لو أن عندنا نارا ما أخّرت أكلها إلى المنزل. فأخرج عويدا من مزوده ثم حكّه بالعصا فأورت إيراء المرخ والعفار «٢» ، ثم جمع ما قدر عليه من الغثاء «٣» والحشيش وأوقد نارا وألقى الأرنب في جوفها فأخرجناها وقد لزق بها من الرماد والتراب ما بغّضها إليّ فعلّقها بيده اليسرى ثم ضرب جنوبها بالعصا