وأعراضها ضربا رقيقا حتى انتثر كل شيء عليها فأكلناها وسكن القوم وطابت النفس، فقلت: هذه خامسة. ثم نزلنا بعض الخانات وإذا البيوت ملآنة روثا «١» وترابا فلم نجد موضعا نظلّ فيه فنظر إلى حديدة مطروحة في الدار فأخذها فجعل العصا نصابا لها ثم قام فجرف جميع ذلك الروث والتراب وجرد الأرض حتى أظهر بياضها وطابت ريحها فقلت: وهذه سادسة. ثم نزع العصا من الحديدة فأوتدها فيا لحائط وعلّق عليها ثيابه وثيابي فقلت: هذه سابعة. فلما صرنا إلى مفرق الطريقين وأردت مفارقته قال لي: لو عدلت معي فبتّ عندي! فعدلت معه فأدخلني منزلا يتصل ببيعة «٢» فما زال يحدّثني ويطرفني الليل كلّه فلما كان السحر أخذ العصا بعينها وأخذ خشبة أخرى فقرع بها العصا فإذا ناقوس ليس في الدنيا مثله وإذا هو أحذق الناس به فقلت له: ويحك! أما أنت بمسلم؟ قال: بلى. قلت: فلم تضرب بالناقوس؟ قال: لأن أبي نصراني وهو شيخ كبير ضعيف فإذا شهدت بررته بالكفاية. وإذا شيطان مارد وأظرف الناس وأكثرهم أدبا فخبّرته بالذي أحصيت من خصال العصا فقال: والله لو حدّثتك عن مناقب العصا ليلة إلى الصباح ما استنفدتها.
وروى يزيد عن هشام عن الحسن عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا كنتم في الخصب فأمكنوا الرّكاب أسنّتها ولا تغدوا المنازل وإذا كنتم في الجدب فاستنجوا «٣» وعليكم بالدّلجة فإنّ الأرض تطوى بالليل وإذا تغوّلت لكم الغيلان فنادوا بالأذان ولا تصلّوا على جوادّ الطرق «٤» ولا تنزلوا عليها فإنها