للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفضّل الضّبيّ: كان سليك بن سلكة التميمي من أشدّ فرسان العرب وأذكرهم وأدلّ الناس بالأرض وأجودهم عدوا على رجليه لا تعلق به الخيل وكانت أمّه سوداء وكان يقول: اللهمّ إنك تهيء ما شئت لما شئت إذا شئت، اللهمّ إني لو كنت ضعيفا كنت عبدا ولو كنت امرأة كنت أمة، اللهمّ إني أعوذ بك من الخيبة فأما الهيبة فلا هيبة. وأملق حتى لم يبق له شيء، فخرج على رجليه رجاء أن يصيب غرّة من بعض من يمرّ عليه فيذهب بإبله، حتى إذا أمسى في ليلة مقمرة واشتمل الصّمّاء «١» ونام، إذا برجل قد جثم على صدره وقال:

إستأسر. فرفع سليك رأسه وقال: «إن الليل طويل وأنت مقمر» فجرى مثلا، وجعل الرجل يلهزه «٢» ويقول: استأسر، يا خبيث، فلما آذاه ضمّه إليه ضمّة ضرط منها وهو فوقه، فقال له سليك: «أضرطا وأنت الأعلى» فجرى مثلا، ثم قال له: ما أنت؟ قال: أنا رجل افتقرت، فقلت: لأخرجنّ ولا أرجع حتى أستغنى. قال: فانطلق معي، فمضيا فوجدا رجلا قصته مثل قصتهما، فأتوا جوف مراد وهو واد باليمن فإذا فيه نعم كثيرة، فقال لهما سليك: كونا قريبا حتى آتي الرّعاء وأعلم لكما علم الحي أقريب هو أم بعيد، فإن كانوا قريبا رجعت إليكما، وإن كانوا بعيدا قلت لكما قولا أحي «٣» به لكما فأغيرا. فانطلق حتى أتى الرّعاء، فجعل يستنطقهم حتى أخبروه بمكان الحي فإذا هم بعيد، فقال لهم سليك: ألا أغنّيكم؟ قالوا: بلى. فتغنّى بأعلى صوته ليسمع صاحبيه: [بسيط]

يا صاحبيّ، ألا لا حيّ بالوادي ... إلا عبيد وآم «٤» بين أذواد

<<  <  ج: ص:  >  >>