إليهم أبو الهندام: إلى بني استها أهل مزّة، ليمسّيني الماء أو لتصبّحنكم الخيل. فوافاهم الماء قبل أن يعتموا فقال أبو الهندام:«الصدق ينبي عنك لا الوعيد» .
ولما بايع الناس يزيد بن الوليد أتاه الخبر عن مروان ببعض التلكؤ والتربص، فكتب إليه يزيد: أمّا بعد، فإني أراك تقدّم رجلا وتؤخر أخرى فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيتهما شئت، والسلام.
ولما هزم أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد لم يدر الناس كيف يعزّونه، فدخل عليه عبد الله بن الأهتم فقال: مرحبا بالصابر المخذول، الحمد لله الذي نظر لنا عليك ولم ينظر لك علينا، فقد تعرّضت للشهادة بجهدك إلّا أنّ الله علم حاجة الإسلام إليك فأبقاك له بخذلان من كان معك لك. فصدر الناس عن كلامه.
وكتب الحارث بن خالد المخزومي- وكان عامل يزيد بن معاوية على مكة- إلى مسلم بن عقبة المرّيّ، فأتاه الكتاب وهو بآخر رمق، وفي الكتاب:
أصلح الله الأمير، إنّ ابن الزبير أتاني بما لا قبل لي به فانحزت. فقال: يا غلام أكتب إليه: أمّا بعد، فقد أتاني كتابك تذكر أنّ ابن الزبير أتاك بما لا قبل لك به فانحزت. وايم الله ما أبالي على أيّ جنبيك سقطت إلا أن شرهما لك أحبّهما إليّ، وبالله لئن بقيت لك لأنزلنّك حيث أنزلت نفسك والسلام.
أبو حاتم قال: حدّثنا العتبي قال: حدّثنا إبراهيم قال: لما أسنّ معاوية اعتراه أرق فكان إذا هوّم أيقظته نواقيس الروم، فلما أصبح يوما ودخل عليه الناس قال: يا معشر العرب، هل فيكم فتى يفعل ما آمره وأعطيه ثلاث ديات أعجّلها له وديتين إذا رجع؟ فقام فتى من غسّان فقال: أنا يا أمير المؤمنين.