قال: تذهب بكتابي إلى ملك الروم، فإذا صرت على بساطه أذّنت. قال: ثم ماذا؟ قال: فقط. فقال: لقد كلّفت صغيرا وآتيت كبيرا. فكتب له وخرج، فلما صار على بساط قيصر أذّن، فتناجزت البطارقة واخترطوا سيوفهم فسبق إليه ملك الروم فجثا عليه وجعل يسألهم بحق عيسى وبحقهم عليه لمّا كفّوا، ثم ذهب به حتى صعد على سريره ثم جعله بين رجليه، ثم قال: يا معشر البطارقة، إن معاوية رجل قد أسنّ وقد أرق وقد آذته النواقيس، فأراد أن نقتل هذا على الأذان فيقتل من قبله منّا ببلاده على النواقيس، والله ليرجعنّ إليه بخلاف ما ظنّ. فكساه وحمله فلما رجع إلى معاوية قال: أوقد جئتني سالما؟ قال: نعم، أمّا من قبلك فلا.
وكان يقال: ما ولي المسلمين أحد إلا ملك الروم مثله إن حازما وإن عاجزا. وكان الذي ملكهم على عهد عمر هو الذي دوّن لهم الدواوين ودوّخ لهم العدوّ، وكان ملكهم على عهد معاوية يشبه معاوية في حزمه وحلمه.
وبهذا الإسناد قال: كانت القراطيس تدخل بلاد الروم من أرض العرب وتأتي من قبلهم الدنانير، وكان عبد الملك أوّل من كتب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
«١» وذكر النبي، صلى الله عليه وسلم، في الطّوامير «٢» ، فكتب إليه ملك الروم: إنكم قد أحدثتم في طواميركم شيئا من ذكر نبيكم نكرهه فانه عنه وإلا أتاكم في دنانيرنا من ذكره ما تكرهون. فكبر ذلك في صدر عبد الملك وكره أن يدع شيئا من ذكر الله قد كان أمر به أو يأتيه في الدنانير من ذكر الرسول، صلى الله عليه وسلم، ما يكره، فأرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية فقال: يا أبا هاشم، إحدى بنات طبق «٣» ، وأخبره