وفيه: ذو العقل لا تبطره المنزلة والعزّ كالجبل لا يتزعزع وإن اشتدّت عليه الريح، والسّخيف يبطره أدنى منزلة كالحشيش يحرّكه أضعف ريح. وقال تأبّط «١» شرّا في هذا المعنى: [طويل]
ولست بمفراح إذا الدهر سرّني ... ولا جازع من صرفه المتقلّب
ولا أتمنّى الشرّ والشرّ تاركي ... ولكن متى أحمل على الشرّ أركب «٢»
وفي كتاب كليلة: رأس العقل التمييز بين الكائن والممتنع، وحسن العزاء عما لا يستطاع. وفيه: العاقل يقلّ الكلام ويبالغ في العمل ويعترف بزلّة عقله ويستقيلها كالرجل يعثر بالأرض وبها ينتعش. ويقال: كلّ شيء محتاج إلى العقل، والعقل محتاج إلى التّجارب. قال يحيى بن خالد: ثلاثة أشياء تدلّ على عقول الرجال: الكتاب، والرسول، والهدية. وكان يقال: دلّ على عقل الرجل اختياره، وما تمّ دين أحد حتى يتمّ عقله، وأفضل الجهاد جهاد الهوى. سئل أنو شروان: ما الذي لا تعلّم له، وما الذي لا تغيّر له، وما الذي لا مدفع له، وما الذي لا حيلة له. فقال: تعلّم العقل، وتغيّر العنصر، ودفع القدر، وحيلة الموت. وكان يقال: كتابك عقلك تضع عليه خاتمك. وقالوا:
كتاب الرجل موضع عقله، ورسوله موضع رأيه. كان الحسن إذا أخبر عن رجل بصلاح قال: كيف عقله. وفي الحديث أن جبريل عليه السلام أتى آدم عليه السلام فقال له: إني أتيتك بثلاث فاختر واحدة، قال: وما هي يا جبريل؟ قال: العقل والحياء والدين. قال: قد اخترت العقل فخرج جبريل إلى الحياء والدين فقال: إرجعا فقد اختار العقل عليكما، فقالا: أمرنا أن