للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قولك أن يخطىء ومن لونك أن يتغيّر ومن جسدك أن يخفّ، وإن الملوك تعاقب قدرة وحزما، وتعفو تفضّلا وحلما، ولا ينبغي للقادر أن يستخفّ ولا للحليم أن يزهو، وإذا رضيت فأبلغ بمن رضيت عنه يحرص من سواه على رضاك، وإذا سخطت فضع من سخطت عليه يهرب من سواه من سخطك، وإذا عاقبت فانهك «١» لئلا يتعرّض لعقوبتك، واعلم أنك تجلّ عن الغضب وأن غضبك يصغر عن ملكك، فقدّر لسخطك من العقاب كما تقدّر لرضاك من الثواب. قال محمد «٢» بن وهيب: [طويل]

لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج

ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج

فمن رام تقويمي فإني مقوّم ... ومن رام تعويجي فإني معوّج

وما كنت أرضى الجهل خدنا «٣» وصاحبا ... ولكنني أرضى به حين أخرج

ألا ربّما ضاق الفضاء بأهله ... وأمكن من بين الأسنّة مخرج

وإن قال بعض الناس فيه سماجة ... فقد صدقوا، والذلّ بالحرّ أسمج

وقال ابن المقفع: لا ينبغي للملك أن يغضب لأن القدرة من وراء حاجته، ولا يكذب لأنه لا يقدر أحد على استكراهه على غير ما يريد، ولا يبخل لأنه لا يخاف الفقر، ولا يحقد لأن خطره قد جلّ عن المجازاة. قال سويد بن الصامت «٤» :

<<  <  ج: ص:  >  >>