إني إذا ما الأمر بيّن شكّه ... وبدت بصائره لمن يتأمّل
أدع التي هي أرفق الحالات بي ... عند الحفيظة للتي هي أجمل
أتى عمر بن عبد العزيز رجل كان واجدا عليه، فقال: لولا أني غضبان لعاقبتك، وكان إذا أراد أن يعاقب رجلا حبسه ثلاثة أيام، فإذا أراد بعد ذلك أن يعاقبه عاقبه، كراهة أن يعجل عليه في أوّل غضبه. وأسمعه رجل كلاما فقال له: أردت أن يستفزّني الشيطان بعزّ السلطان فأنال منك اليوم ما تناله منّي غدا، انصرف رحمك الله.
قال لقمان الحكيم: ثلاث من كنّ فيه فقد استكمل الإيمان: من إذا رضي لم يخرجه رضاه إلى الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له. وقال لابنه: إن أردت أن تؤاخي رجلا فأغضبه، فإن أنصفك في غضبه وإلّا فدعه.
خطب معاوية يوما فقال له رجل: كذبت، فنزل مغضبا فدخل منزله، ثم خرج عليهم تقطر لحيته ماء، فصعد المنبر فقال: أيها الناس، إنّ الغضب من الشيطان، وإن الشيطان من النار، فإذا غضب أحدكم فليطفئه بالماء، ثم أخذ في الموضع الذي بلغه من خطبته. وفي الحديث المرفوع:«إذا غضب أحدكم فإن كان قائما فليقعد وإن كان قاعدا فليضطجع» . وقال الشاعر:[بسيط]
احذر مغايظ أقوام ذوي أنف ... إن المغيظ جهول السيف مجنون
وقال عمر بن عبد العزيز: متى أشفي غيظي؟ أحين أقدر فيقال لي: لو عفوت، أو حين أعجز فيقال لي: لو صبرت؟. والعرب تقول: «إن الرّثيئة مما