للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفثأ الغضب» «١» والرثيئة اللبن الحامض يصبّ عليه الحليب، وهو أطيب اللبن.

كان المنصور ولّى سلم بن قتيبة البصرة وولى مولى له كور البصرة والأبلّة «٢» ، فورد كتاب مولاه أنّ سلما ضربه بالسّياط، فاستشاط المنصور وقال:

عليّ تجرّأ سلم! لأجعلنّه نكالا، فقال ابن عيّاش- وكان جريئا عليه-: يا أمير المؤمنين، إن سلما لم يضرب مولاك بقوّته ولا قوّة أبيه، ولكنك قلّدته سيفك وأصعدته منبرك، فأراد مولاك أن يطأطىء منه ما رفعت ويفسد ما صنعت، فلم يحتمل ذلك. يا أمير المؤمنين، إنّ غضب العربيّ في رأسه، فإذا غضب لم يهدأ حتى يخرجه بلسان أو يد، وإن غضب النّبطي في استه، فإذا غضب وخرىء «٣» ذهب غضبه، فضحك أبو جعفر وقال: فعل الله بك يا منتوف وفعل، فكفّ عن سلم.

كان يقال: إياك وعزّة الغضب فإنها مصيّرتك إلى ذلّ الاعتذار. قال بعض الشعراء: [بسيط]

الناس بعدك قد خفّت حلومهم ... كأنما نفخت فيها الأعاصير

أبو بكر بن عيّاش عن الأعمش قال: كنت مع رجل فوقع في إبراهيم.

فأتيت إبراهيم فأخبرته وقلت: والله لهممت به، فقال: لعلّ الذي غضبت له لو سمعه لم يقل شيئا.

<<  <  ج: ص:  >  >>