قال ابن عباس: لجليسي عليّ ثلاثّ: أن أرميه بطرفي إذا أقبل، وأن أوسع له إذا جلس، وأصغي إليه إذا تحدّث. وقال الأحنف: ما جلست مجلسا فخفت أن أقام عنه لغيري. وكان يقول: لأن أدعي من بعيد فأجيب أحبّ إليّ من أن أقصى من قريب.
كان القعقاع بن شور إذا جالسه رجل فعرفه بالقصد إليه جعل له نصيبا في ماله، وأعانه على عدوّه، وشفع له في حاجته، وغدا إليه بعد المجالسة شاكرا. وقسم معاوية يوما آنية فضة ودفع إلى القعقاع حظّه منها، فآثر به القعقاع أقرب القوم إليه فقال:[وافر]
وكنت جليس قعقاع «١» بن شور ... ولا يشقى بقعقاع جليس
ضحوك السنّ إن نطقوا بخير ... وعند الشرّ مطراق عبوس
كان يقال: إياك وصدر المجلس فإنه مجلس قلعة. قيل لمحمد بن واسع: ألا تجلس متّكئا! فقال: تلك جلسة الآمنين. قال عمرو بن العاص:
ثلاثة لا أملّهم: جليسي ما فهم عنّي، وثوبي ما سترني، ودابتي ما حملت رجلي. وزاد آخر: وامرأتي ما أحسنت عشرتي.
ذكر رجل عبد الملك بن مروان فقال: إنه لآخذ بأربع، تارك لأربع:
آخذ بأحسن الحديث إذا حدّث، وبأحسن الاستماع إذا حدّث، وبأحسن البشر إذا لقي، وبأيسر المؤونة إذا خولف. وكان تاركا لمحادثة اللئيم، ومنازعة اللّجوج، ومماراة السفيه، ومصاحبة المأبون.
كان رجل من الأشراف إذا أتاه رجل عند انقضاء مجلسه قال: إنك