قال أبو الدرداء: أنصف أذنيك من فيك، فإنّما جعل لك أذنان اثنتان وفم واحد، تسمع أكثر ممّا تقول.
حضر قشيريّ مجلسا من مجالس العرب فأطال الصمت، فقال له بعضهم: بحقّ سمّيتم خرس العرب؛ فقال القشيريّ: يا أخي، إنّ حظّ الرجل في أذنه لنفسه، وحظّه في لسانه لغيره.
وقال بعض الحكماء: أكثر الصمت ما لم تكن مسؤولا فإنّ فوت الصواب أيسر من خطل القول: وإذا نازعتك نفسك إلى مراتب القائلين المصيبين، فاذكر ما دون الصواب من وجل الخطأ وفضائح المقصّرين.
تكلّم رجل في مجلس الهيثم بن صالح بخطأ، فقال له الهيثم: يا هذا، بكلام مثلك رزق أهل الصمت المحبة. وقال أبو نواس:[مجزوء الرمل]
خلّ جنبيك لرام ... وامض عنه بسلام
مت بداء الصّمت خير ... لك من داء الكلام
إنّما السالم من أل ... جم فاه بلجام
وقال آخر:[متقارب]
رأيت اللسان على أهله ... إذا ساسه الجهل ليثا مغيرا «١»
حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال: حدّثنا صاحب لنا عن مالك بن دينار أنه قال: لو كانت الصحف من عندنا لأقللنا الكلام.