للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاتبة، وإذا نزلت منه منزلة الثقة فاعزل عنه كلام الملق ولا تكثرنّ له في الدعاء إلا أن تكلمه على رؤوس الناس ولا يكوننّ طلبك ما عنده بالمسألة ولا تستبطئنّه إن أبطأ. أطلبه بالاستحقاق ولا تخبرنّه أنّ لك عليه حقا وأنك تعتدّ عليه ببلاء. وإن استطعت ألا ينسى حقّك وبلاءك بتجديد النّصح والاجتهاد فافعل. ولا تعطينّه المجهود كله في أوّل صحبتك له فلا تجد موضعا للمزيد ولكن دع للمزيد موضعا. وإذا سأل غيرك فلا تكن المجيب. واعلم أن استلابك للكلام خفّة بك واستخفاف منك بالسائل والمسؤول. فما أنت قائل إن قال لك السائل: ما إياك سألت، وقال لك المسؤول: أجب أيها المعجب بنفسه المستخفّ بسلطانه؟» .

وقال: «مثل صاحب السلطان مثل راكب الأسد يهابه الناس وهو لمركبه أهيب» .

وقال عبد الملك بن صالح لمؤدّب ولده بعد أن اختصّه لمجالسته ومحادثته: «كن على التماس الحظ بالسكوت أحرص منك على التماسه بالكلام فإنهم قالوا: إذا أعجبك الكلام فاصمت وإذا أعجبك الصمت فتكلم.

يا عبد الرحمن، لا تساعدني على ما يقبّح ولا تردّنّ عليّ الخطأ في مجلسي ولا تكلّفني جواب التشميت والتهنئة ولا جواب السؤال والتعزية ودع عنك كيف أصبح الأمير وأمسى. وكلّمني بقدر ما استنطقتك واجعل بدل التقريظ لي حسن الاستماع مني. واعلم أن صواب الاستماع أقل من صواب القول.

وإذا سمعتني أتحدّث فأرني فهمك في طرفك وتوقّفك ولا تجهد نفسك في تطرية صوابي ولا تستدع الزيادة من كلامي بما تظهر من استحسان ما يكون مني، فمن أسوأ حالا ممن يستكدّ الملوك بالباطل فيدلّ على تهاونه، وما ظنك بالملك وقد أحلك محلّ المعجب بما تسمع منه وقد أحللته محل من لا يسمع

<<  <  ج: ص:  >  >>