منه؟ وأقل من هذا يحبط إحسانك ويسقط حقّ حرمة إن كانت لك. إني جعلتك مؤدّبا بعد أن كنت معلّما وجعلتك جليسا مقرّبا بعد أن كنت مع الصبيان مباعدا. ومتى لم يعرف نقصان ما خرجت منه لم تعرف رجحان ما دخلت فيه، ومن لم يعرف سوء ما يولى لم يرعف حسن ما يبلى» .
دخل أبو مسلم على أبي العباس وعنده أبو جعفر فسلّم على أبي العباس فقال له: يا أبا مسلم، وهذا أبو جعفر! فقال: يا أمير المؤمنين، هذا موضع لا يقضى فيه إلا حقك.
قال الفضل بن الربيع:«مسأله الملوك عن أحوالهم من تحيات النّوكى «١» ، فإذا أردت أن تقول: كيف أصبح الأمير، فقل: صبّح الله الأمير بالكرامة. وإذا أردت أن تقول: كيف يجد الأمير نفسه، فقل: أنزل الله على الأمير الشفاء والرحمة، فإن المسألة توجب الجواب فإن لم يجبك اشتدّ عليك وإن أجابك اشتدّ عليه» .
وقرأت في آداب ابن المقفع:«جانب المسخوط عليه والظّنين عند السلطان ولا يجمعنّك وإياه مجلس ولا منزل ولا تظهرنّ له عذرا ولا تثن عليه عند أحد، فإذا رأيته قد بلغ في الانتقام ما ترجو أن يلين بعده فاعمل في رضاه عنك برفق وتلطّف، ولا تسارّ «٢» في مجلس السلطان أحدا ولا تومىء إليه بجفنك وعينك فإن السّرار يخيّل إلى كل من رآه من ذي سلطان وغيره أنه المراد به، وإذا كلّمك فاصغ إلى كلامه ولا تشغل طرفك عنه بنظر ولا قلبك بحديث نفس» .