للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيرات جهدك. قم في الخليقة بعدلي، واحكم فيهم بنصيحتي، فقد أنزلت عليك شفاء وساوس ما في الصدور من مرض الشيطان، وجلاء الأبصار من غشاء الكلال؛ ولا تكن حلسا «١» كأنك مقبور وأنت حيّ تتنفّس. إكحل عينيك بملمول «٢» الحزن إذا ضحك البطّالون. إبك على نفسك أيّام الحياة بكاء من قد ودّع الأهل وقلى الدنيا، وترك اللذات لأهلها، وارتفعت رغبته فيما عند إلهه. طوبى لك إن نالك ما وعدت الصابرين! ترجّ من الدنيا يوما فيوما، وارض بالبلغة، وليكفك منها الخشن. تذّوق مذاقة ما قد خلا أين طعمه! وما لم يأت أين لذّته! لو رأت عيناك ما أعددت لأوليائي لذاب قلبك وزهقت نفسك شوقا إليه.

وفيما قال للحواريّين: بحقّ أقول لكم: إنّ شجر الأرض بمطر السماء تعيش وتزكو، وكذلك القلوب بنور الحكمة تبصر وتهتدي؛ بحقّ أقول لكم:

إنه من ليس عليه دين أروح وأقلّ همّا ممن عليه دين وإن حسن قضاؤه، وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح وأقلّ همّا ممن عمل بها وإن حسنت توبته. إنّ الدابة تزداد على كثرة الرياضة خيرا، وقلوبكم لا تزداد على كثرة الموعظة إلا قسوة. إنّ الجسد إذا صلح كفاه القليل من الطعام، وإنّ القلب إذا صحّ كفاه القليل من الحكمة. كم من سراج قد أطفأته الريح، وكم من عابد قد أفسده العجب. يا بني إسرائيل، استمعوا قولي، فإنّ مثل من يستمع قولي ثم يعمل به مثل رجل حكيم أسس بنيانه على الصّفا «٣» ، فمطرت السماء وسالت الأودية وضربته الرياح فثبت بنيانه ولم يخرّ، ومثل الذي يستمع قولي

<<  <  ج: ص:  >  >>