سالما موفّرا لم يكلمه الطمع ولم يطبّعه «١» الهوى. واعلم أنه لن يتزيّن العباد بزينة أبلغ فيما عندي من الزهد في الدنيا، إنما هي زينة الأبرار عندي، وأنقى ما تزيّن به العباد في عيني عليهم منها، لباس يعرفون به من السكينة والخشوع، سيماهم النحول والسجود، أولئك أوليائي حقا. فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك، وذلّل لهم قلبك ولسانك.
واعلم أنه من أهان لي وليّا أو أخافه، فقد بارزني بالمحاربة وبادأني وعرّضني لنفسه ودعاني إليها، وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، أفيظنّ الذي يحاربني فيهم أنهم يقوم لي؟ أم يظنّ الذي يعاديني فيهم أنه يعجزني؟ أم يظنّ الذي يبادرني إليهم أنه يسبقني أو يفوتني؟ كيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة، لا أكل نصرهم إلى غيري؟
وفي التوراة: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام بطور سيناء: يا موسى بن عمران صاحب جبل لبنان، أنت عبدي وأنا إلهك الديّان؛ لا تستذلّ الفقير، ولا تغبط الغنيّ بشيء يسير؛ وكن عند ذكري خاشعا، وعند تلاوة وحيي طائعا؛ أسمعني لذاذة التوراة بصوت حزين.
وفيما أوحى الله إلى عيسى عليه السلام: أنزلني من نفسك كهمّك، واجعلني ذخرك في معادك، وتقرّب إليّ بالنوافل أدنك، وتوكّل عليّ أكفك، ولا تولّ غيري فأخذلك؛ اصبر على البلاء، وارض بالقضاء، وكن كمسرّتي فيك، فإنّ مسرّتي أن أطاع، وأحي ذكري بلسانك، وليكن ودّي في قلبك؛ تيقّظ لي في ساعات الغفلة، وكن راهبا لي وراغبا إليّ. أمت قلبك بالخشية؛ راع الليل لتحرّي مسرّتي، واظمأ لي نهارك لليوم الذي عندي؛ نافس في