للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألفتكم إن شئت؟ أم كيف لا أقدر على أن أؤلّف قلوبكم؟ يقولون: صمنا فلم يرفع صيامنا وصلّينا فلم تنوّر صلاتنا وزكّينا فلم تزك زكاتنا، ودعونا بمثل حنين الحمام، وبكينا بمثل عواء الذئاب، في كلّ ذلك كلا يسمع منّا ولا يستجاب لنا؛ قال الله تبارك وتعالى: سلهم لم ذلك؟ وما الذي منعني أن أجيبهم؟

ألست أسمع السامعين وأبصر الناظرين وأقرب المجيبين وأرحم الراحمين؟

ألأنّ خزائني فنيت؟ كيف ويداي مبسوطتان بالخير أنفق كيف أشاء؟ أم لأن ذات يدي قلّت؟ كيف ومفاتيح الخير بيدي لا يفتحها ولا يغلقها غيري؟ أم لأنّ رحمتي ضاقت؟ كيف ورحمتي وسعت كلّ شيء؟ وإنما يتراحم بفضلها المتراحمون! أم لأنّ البخل يعتريني؟ كيف وأنا النفاح بالخيرات أجود من أعطى وأكرم من سئل؟ ولكن كيف أرفع صيامهم وهم يلبسونه بقول الزور ويتقوّون عليه بطعمة الحرام؟ كيف أنوّر صلاتهم وقلوبهم صاغية إليّ من يحادّني وينتهك محارمي؟ أم كيف أستجيب دعاءهم وإنما هو قول بألسنتهم والعمل من ذلك بعيد؟ أم كيف تزكو صدقاتهم وهي من أموال غيرهم؟ إنما أجزي عليها المغصوبين. وإنّ من علامة رضاي رضا المساكين.

قال وهب: وفيما ناجى الله به موسى عليه السلام: لا تعجبكما زينة ولا ما متّع به، ولا تمدّا إلى ذلك أعينكما فإنها زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين.

ولو شئت أن أزيّنكما بزينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أنّ مقدرته تعجز عما أوتيتما فعلت، ولكنّي أرغب بكما عن ذلك وأزويه «١» عنكما؛ وكذلك أفعل بأوليائي، إني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلكة وإني لأحميهم عيشها وسلوتها «٢» كما يجنب الراعي الشفيق إبله مبارك العرّ «٣» ، وما ذاك لهوانهم عليّ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي

<<  <  ج: ص:  >  >>