شهيدا وجازيا لعباده الصالحين ومثيبا: إني رضيت بالله ربّا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا، وأوصي نفسي، ومن أطاعني أن يعبد الله في العابدين ويحمده في الحامدين وينصح لجماعة المسلمين؛ وأوصى أهله: ألّا تشعروا بي أحدا وسلّوني إلى ربّي سلّا.
حدّثني محمد بن أحمد بن يونس قال: سمعت عمر بن جرير المهاجريّ يقول: لما مات ذرّ بن عمر بن ذرّ قال لأصحابه: الآن يضيع الشيخ (لأنه كان به بارّا) ؛ فسمعها الشيخ فقال: أنّي أضيع والله حيّ لا يموت؟
فلما واراه التراب وقف على قبره وقال: رحمك الله يا ذرّ! ما علينا بعدك من خصاصة وما بنا إلى أحد مع الله حاجة، وما يسرّني أنّي كنت المقدّم قبلك، ولولا هول المطّلع لتمنّيت أن أكون مكانك، لقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك، فيا ليت شعري ماذا قلت وما قيل لك! ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهمّ إنّي قد وهبت حقّي فيما بيني وبينه له، فهب حقّك فيما بينك وبينه له. ثم قال عند انصرافه: مضينا وتركناك، ولو أقمنا ما نفعناك.
حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا شريح بن النعمان عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون عن عبد الواحد بن أبي عون عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها «١» ، إشرأبّ النفاق بالمدينة وارتدّت العرب، فوالله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بحظها وغنائها في الإسلام» . وكانت مع هذا تقول:«من رأى عمر بن الخطاب عرف أنه خلق غناء للإسلام، كان، والله، أحوزيّا «٢» نسيج وحده، قد أعدّ للأمور أقرانها» . وقالت عند قبره: