للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«رحمك الله يا أبت! لقد قمت بالدين حين وهي شعبه «١» وتفاقم صدعه ورجفت جوانبه؛ انقبضت مما أصغوا إليه «٢» ، وشمّرت «٣» فيما ونوا فيه واستخففت من دنياك ما استوطنوا وصغّرت منها ما عظّموا ورعيت دينك فيما أغفلوا، أطالوا عنان الأمن واقتعدت مطيّ الحذر، ولم تهضم دينك ولم تشن غدك ففاز عند المساهمة قدحك وخفّ مما استوزروا ظهرك» . وقالت أيضا عند قبره: «نضّر الله وجهك يا أبت! فلقد كنت للدنيا مذلّا بإدبارك عنها، وللآخرة معزا بإقبالك عليها؛ ولئن كان أجلّ الرزايا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، رزؤك وأكبر المصائب فقدك، إنّ كتاب الله ليعد بجميل العزاء عند أحسن العوض منك، فأنا أتنجّز من الله موعوده فيك بالصبر عليك، واستعيضه منك بالاستغفار لك؛ عليك سلام الله ورحمته، توديع غير قالية لحياتك ولا زارية على القضاء فيك» .

قال الحسين بن عليّ عند قبر أخيه الحسن: «رحمك الله أبا محمد! إن كنت لتباصر الحقّ مظانّة، وتؤثر الله عند مداحض «٤» الباطل في مواطن التقيّة بحسن الرويّة، وتستشفّ جليل معاظم الدنيا بعين لها حاقرة، وتفيض عليها يدا ظاهرة الأطراف نقيّة الأسرّة «٥» ، وتردع بادرة غرب أعدائك بأيسر المؤونة عليك؛ ولا غرو وأنت ابن سلالة النبوّة ورضيع لبان الحكمة؛ فإلى روح وريحان وجنّة نعيم؛ أعظم الله لنا ولكم الأجر عليه، ووهب لنا ولكم السّلوة

<<  <  ج: ص:  >  >>