إن قوما دخلوا على عمر بن عبد العزيز يعودونه في مرض، فإذا فيهم شابّ ذابل ناحل، فقال له عمر: يا فتى، ما الذي بلغ بك ما أرى؟ قال: يا أمير المؤمنين، أمراض وأسقام، فقال عمر: لتصدقنّني؛ قال: يا أمير المؤمنين، ذقت حلاوة الدنيا فوجدتها مرّة فصغر في عيني زهرتها وحلاوتها، واستوى عندي حجرها وذهبها، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا، وإلى الناس يساقون إلى الجنة وإلى النار، فأظمأت لذلك نهاري وأسهرت له ليلي، وقليل حقير كل ما أنا فيه في جنب ثواب الله وجنب عقابه.
بلغني عن إسحاق بن سليمان عن أخيه عن الفياض عن زبيد الياميّ «١» عن معاذ بن جبل.
أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله يحب الأخفياء الأتقياء الأبرياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل غبراء مظلمة» .
وعن وكيع عن عمرو بن منبّه عن أوفى بن دلهم قال:
قال عليّ عليه السلام: تعلّموا العلم تعرفوا به واعملوا به تكونوا من أهله، فإنه يأتي من بعدكم زمان ينكر فيه الحقّ تسعة أعشرائهم «٢» لا ينجو فيه إلا كلّ نومة؛ يعني الميّت الذكر، أولئك أئمة الهدى ومصابيح العلم ليسوا بالعجل المذاييع البذر»
. وقال عليّ عليه السلام أيضا: إنّ الدنيا قد ارتحلت