وكان ابن عباس يقول: من أهديت إليه هديّة وعنده قوم فهم شركاؤه فيها؛ فأهدى إليه صديق ثيابا من ثياب مصر وعنده أقوام فأمر برفعها، فقال له رجل: ألم تخبرنا أنّ من أهديت له هديّة وعنده قوم فهم شركاؤه فيها! فقال:
إنّما ذلك فيما يؤكل ويشّرب ويشم، فأمّا في ثياب مصر فلا.
وقال خلف الأحمر «١» : [من الطويل]
أتاني أخ من غيبة كان غابها ... وكنت إذا ما غاب أنشده ركبا «٢»
فجاء بمعروف كثير فدسّه ... كما دسّ راعي السّوء في حضنه الوطبا «٣»
فقلت له هل جئتني بهديّة ... فقال بنفسي قلت أتحف بها الكلبا
هي النفس لا أرثى لها من بليّة ... ولا أتمنّى أن رأيت لها قربا
أهدى رجل إلى صديق له وكتب إليه: الأنس سهّل سبيل الملاطفة، فأهديت هديّة من لا يحتشم، إلى من لا يغتنم.
وحدّثنا أحمد بن الخليل قال حدّثنا أبو سلمة عن حبابة بنت عجلان عن أمّها أم حفص عن صفيّة بنت جرير عن أم حكيم بنت وداع الخزاعيّة قالت:
قلت للنبي صلّى الله عليه وسلم: ما جزاء الغنيّ من الفقير؟ قال؛ «النصيحة والدعاء قلت: يكره ردّ اللّطف؟ «٤» . قال: ما أقبحه، لو أهديت إليّ ذراع لقبلت، ولو دعيت إلى كراع لأجبت، تهادوا فإنه يضعف الحبّ «٥» ويذهب بغوائل القلوب» «٦» .