«من قضى نهمته من الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة، ومن مد عينه إلى زينة المترفين كان ممقوتاً في ملكوت السموات، ومن صبر على القوت الشديد صبراً جميلاً، أنزله الله من الفردوس حيث شاء».
١٤٥٦ - أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، أنبأ عبد الله بن يوسف، ثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، أنبأ علي بن عياش، ثنا سعيد بن سنان قال: حدثني أبو الزاهرية، عن أبي شجرة، عن عبد الله بن عمرو –﵁:
«أن رسول الله ﷺ خرج يوماً متلفعاً بعطاف، مسنداً بين رجلين من أهل بيته من أثر شكاةٍ كانت به، حتى أتى مقامه في المسجد فقال بيده للناس تأخروا ورددها ثلاثاً، فإنكم لا تقدمون الملائكة، ثم أقبل بوجهه على الناس وقال: إن ربي –﷿ قد رفع لي الدنيا وأنا أنظر إليها، وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة، كما أنظر إلى كفي هذه جليان من الله –﷿ لنبيه ﷺ، كما جلي للنبيين قبله، فسلوني رددها ثلاثاً، وايم الله لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به، فقضي أن أحداً لا يجترئ على مسألة رسول الله ﷺ مرثية له من شكاته وهيبة له، فطفق باسطاً كفيه رجاء أن يسأله أحد، قال: أما إذا لم تسألوني فلا يلقى الله أحد يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلا أدخل الجنة ما لم يخلط معها غيرها، رددها ثلاثاً، فقال قائل من قاصية الناس: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! وما يخلط معها غيرها؟ قال: حب الدنيا، وأثرة لها وجمعاً لها، ورضى بها وعمل الجبارين».
قوله:(متلفعاً): أي مشتملاً، و (العطاف): الرداء، و (الشكاة): العلة، و (جليان): أي إظهار وكشف، وقوله (من قاصية الناس): أي من بعيد و (الأثرة): الإيثار والاختيار،