«بينما نفر ثلاثة يتماشون أخذهم المطر، فمالوا إلى غارٍ في الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها لله –﷿ صالحة، فادعوا الله بها لعله يفرجها عنا. فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران ولي صبية، وكنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي، وإنه نأى بي الشجر يوماً فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله فرجةً رأوا منها السماء، فقال الآخر: اللهم إنه كان لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجل النساء، فطلبت إليها نفسها، فأبت حتى آتيها بمائة دينارٍ، فسعيت حتى جمعت مائة دينارٍ، فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها قالت: يا عبد الله! اتق الله، ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة، وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيراً بفرق أرز، فلما قضى عمله، قال: أعطني حقي فعرضت عليه حقه فتركه ورغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقراً وراعيها، فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني وأعطني حقي، فقلت: اذهب إلى ذلك البقر وراعيها فخذه، فقال: اتق الله، ولا تهزأ بي، فقلت: إني لا أهزأ بك، خذ ذلك البقر وراعيها، فأخذها فانطلق بها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج ما بقي، ففرج الله عنهم».
قوله:(رحت): من الرواح، والرواح بالعشي، و (الحلاب): قعب يحلب فيه، وقوله:(دأبي ودأبهم): أي