للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنشر الإِسلام، وقد قام بذلك- رضي الله عنه- أتم قيام، وفي موسم الحج في السنة الثالثة عشرة من النبوة حضر لأداء الحج من يثرب ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان، وكلهم قد أسلموا.

فلما قدموا مكة واعدوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة، وجاءهم على موعدهم، ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قالوا: «يا رسول الله، علام نبايعك؟ فقال: "تبايعوني على: السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة» (١) فقاموا إليه فبايعوه.

وبعد عقد هذه البيعة جعل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر زعيمًا، يكونون نقباء على قومهم، وكانوا تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، ثم رجعوا إلى يثرب، وعندما وصلوا أظهروا الإسلام فيها، ونفع الله بهم في الدعوة إلى الله تعالى (٢).

وبعد أن تمت بيعة العقبة الثانية ونجح النبي صلى الله عليه وسلم في تأسيس وطن للِإسلام، انتشر الخبر في مكة كثيرًا، وثبت لقريش أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بايع أهل يثرب، فاشتد أذاهم على من أسلم في مكة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فهاجر المسلمون، فاجتمع قريش في يوم ٢٦ من شهر صفر سنة ١٤ من النبوة، وأجمعوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ ولحسن سياسته وحكمته أمر عليًّا أن يبيت في فراشه تلك الليلة،


(١) أحمد في المسند٣/ ٣٢٢، والبيهقي٩/ ٩، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي٢/ ٦٢٤، وحسن إسناده الحافظ في الفتح ٧/ ١١٧.
(٢) انظر: سيرة ابن هشام ٢/ ٤٩، والبداية والنهاية٣/ ١٥٨، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر٢/ ١٤٢، والرحيق المختوم ص١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>