أهل البدع ينقسمون إلى قسمين في صفتي السمع والبصر: أما المعتزلة فإن عامتهم لا يثبتون صفة السمع والبصر بناءً على أصلهم في التوحيد؛ فإنهم يعتقدون أن التوحيد يلزم منه نفي الصفات، ويوجد من المعتزلة من يثبت صفة الإدراك، وبعضهم: يثبت صفة السمع والبصر، لكن يقول: له سمع وبصر هي ذاته، فهو في الحقيقة ينفيها.
أما الأشاعرة فإنهم يتظاهرون بإثبات صفة السمع والبصر، وهم يثبتون سبع صفات، ويسمونها صفات المعاني، ومن هذه الصفات: السمع والبصر، ولكنهم يفسرونها بغير معناها الصحيح، فبعضهم يقول: إن السمع البصر هما: العلم، أو الإدراك، ولهذا التزم بعضهم بأن الله عز وجل يرى المسموعات ويسمع المبصرات؛ لأنها بمعنى واحد عنده كالعلم، وهذا باطل، وسبق في كلام شيخ الإسلام رحمه الله في شرح العقيدة الأصفهانية: أن العلم غير السمع، ولهذا فرق الله عز وجل بينهما عندما قال:{سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:١٨١]، فلو كان معناهما واحداً لما فرق بينهما سبحانه وتعالى، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: فإنه قد سبق أن أشرنا إلى أن العليم قد يعلم وهو لا يرى، وقد يعلم وهو لا يسمع، فلا يلزم من العلم وجود السمع والبصر، وهذا يدل على أن العلم صفة، وأن السمع والبصر صفتان تختلف عن العلم.