[خطر المتصدرين للفتوى على الفضائيات بغير علم وواجب المسلم تجاههم]
السؤال
مما عمت به البلوى الشيوخ الذين يظهرون على القنوات الفضائية، وأخبرني زميل في العمل أن شيخاً من هؤلاء أفتى أن آدم عليه السلام لم يكن في الجنة، واستدل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وأن الجنة معناها: البستان أو المزرعة، واستدل بقصة أصحاب الجنة في سورة القلم وصاحب الجنة في سورة الكهف، والمشكلة والطامة الكبرى أن هذا الزميل مقتنع بهؤلاء المشايخ الذين يظهرون في القنوات الفضائية، وينظر إلى علمائنا بأنهم غير مثقفين في الدين، ولا يعرف أسماءهم، مع العلم بأن هذا الشخص من أبناء هذا البلد، فنرجو توضيح هذا القول؟
الجواب
لا شك أن هذه الفتوى التي أفتى بها هذا الشيخ الفضائي باطلة وغير سليمة وغير صحيحة؛ لأن الجنة التي كان فيها آدم عليه السلام أول ما خلقه هي جنة عدن، والذين يقولون: إن الجنة التي كان فيها آدم ليست الجنة التي في السماء وإنما هي في الأرض هم المعتزلة؛ فإنهم لا يعتقدون أن الجنة موجودة الآن، ولا شك أن كلامهم باطل؛ فإن القرآن أثبت أن الجنة في السماء، وهناك عدة أدلة على هذا من خلال سياق قصة آدم، منها قول الله عز وجل: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة:٣٨]، والهبوط يكون من أعلى إلى أسفل، فلو كانت في الأرض لما قال: (اهبطوا) فالهبوط -كما قلت- يكون من أعلى إلى أسفل.
قال عز وجل: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} [البقرة:٣٨] إلى آخر الآيات.
وكذلك الله عز وجل يقول: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة:٣٥]، فبين أنه كان يأكل منها رغداً حيث شاء.
والجنة والنار مخلوقتان الآن، والدليل على أن النار مخلوقة: قول الله عز وجل: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٤]، فقوله: (أُعِدَّتْ) يعني: سابقاً.
فهذا القول الذي يقوله هذا الشيخ قول باطل، وهم من مقالات المعتزلة الذين لا يثبتون أن الجنة موجودة الآن، ويقولون بأن الله عز وجل يخلقها بعد ذلك.
والحقيقة أن مما ابتلي به الناس فعلاً بعض هؤلاء الذين يظهرون في القنوات الفضائية يفسدون على الناس دينهم، فبعضهم يفتي بجواز الفوائد الربوية ويقول: الرجل إذا وضع ماله في البنك وأخذ عليه فوائد فهذا مباح! وكل هذا من الظلم والباطل، والواجب ألا يقبل الإنسان من مثل هؤلاء، وأن ينصح المسلم إخوانه المسلمين في ألا يقبلوا من هؤلاء الذين يفتون بغير علم، والذين يتكلمون بالباطل.
وهذا من جهة أخرى يدعونا إلى وجوب دعوة الناس إلى الله عز وجل، وإلى وجوب نقل فتاوى أهل العلم الموثوق بهم من علمائنا من أهل السنة وتوزيعها في كل مكان وتعريف الناس بدين الله عز وجل الصحيح المربوط بدليله من الكتاب والسنة.
وكما تلاحظون أن هذا القنوات الفضائية تعمل بطريقتين لإفساد الخلق، فالشهوات طريقة؛ حيث يظهرون النساء كاسيات عاريات راقصات، ويظهرون الفساد بكل أنواعه وصوره، حتى أصبحت بعض القنوات الجنسية الأوروبية تبث ويلتقطها المسلم في بيته في أي مكان والعياذ بالله! وهذه من أعظم المصائب.
وأيضاً أصبحوا يفسدون على الناس دينهم من جهة الشبهات؛ فبعض القنوات تظهر -مثلاً- مقابلات أو مناظرات بين أشخاص، ويطرحون مسائل عويصة وصعبة، ويتناقشون فيها وينظر فيها بعض المسلمين الذين حصيلتهم من علم الله عز وجل يسيرة وضعيفة ولا يعرفون أحكام الله عز وجل ولا يعرفون كثيراً منها، ولهذا قد تتلقف بعض النفوس بعض هذه العقائد، والهوى غلاب على النفوس والعياذ بالله! فيصبح هذا الإنسان من الضالين بهذا السبب، فالواجب يا إخوان: أولاً: تحذير الناس من مثل هؤلاء، وألا يقبلوا إلا من أهل العلم الشرعي من أهل السنة الذين تميزوا باتباع السنة وبربط المسائل بأدلتها الشرعية.
ثانياً: تحذير الناس من الشهوات ومن الشبهات، وتوظيف فتاوى أهل العلم الموثوق بهم ونشرها على أعلى مستوى يمكن.