للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مرتبة الخلق]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه].

ومنها خلق أفعال العباد سبحانه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه، لا خالق غيره، ولا رب سواه.

ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله، ونهاهم عن معصيته.

وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

ولا يحب الكافرين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين.

ولا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد].

فالله عز وجل هو الخالق لكل شيء، وأفعالنا خلقها الله، الصالح منها وغير الصالح.

والعبد لا يمكن أن يخلق فعل نفسه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والعباد فاعلون حقيقة والله خالق أفعالهم.

والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم.

وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:٢٨ - ٢٩]].

فالعباد لهم إرادة حقيقة وهم مسئولون عن أفعالهم، ولهذا يقول الله عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة:٧ - ٨].

فنسب العمل إلى العبد.

والآيات التي تدل على أن العمل منسوب إلى العبد وأنه مؤاخذ به كثيرة جداً، ومنها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة:٢٧٧].

وهكذا بقية الأعمال منسوبة إلى العبد حقيقة.

فالعمل فعله العبد، وخلقه الله في نفس الوقت.

وهذه نقطة حساسة ينبغي الانتباه لها، وهي: أن بعض الناس يظن أنه إذا كان الله عز وجل خلق فعل العبد فمعنى هذا أن العبد مجبور؛ لأن فعله مخلوق.

ونحن نقول: الله عز وجل خلق فعل العبد، وهو ليس بمجبور، فالعمل يتكون من القدرة على العمل ومن الإرادة له.

فإذا وجدت القدرة التامة والإرادة الجازمة نتج العمل مباشرة.

فالله خلق قدرة العبد وإرادته، فنتج عنهما العمل، فيكون العمل مخلوقاً لله عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>