للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أنواع الكتابة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهذا التقدير -يعني: وهذه الكتابة- التابع لعلمه سبحانه يكون في مواضع جملة وتفصيلاً].

يعني: الكتابة التي كتبها الله سبحانه وتعالى على خلقه أنواع: كتابة عامة، وهي الواردة في اللوح المحفوظ.

وكتابة خاصة بالعباد، وهي أنواع.

فمنها: كتابة عمرية.

ومعنى عمرية: أنه يكتب كل شيء في عمر الإنسان.

وهذه الكتابة تكون عندما يخلق الإنسان في بطن أمه، كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في الحديث المشهور أنه قال: (حدثني الصادق المصدوق: إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك)، إلى أن قال: (ثم يرسل إليه ملكاً فيؤمر بأربع كلمات، فيقال: اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد).

وهذه الكتابة للملك؛ لأن الذي يؤمر بالكتابة هو الملك الموكل بالإنسان، فيكتب في صحيفته تقدير هذا الإنسان حتى يموت.

ومنها: كتابة حولية.

وتكون في كل سنة، ويكون ذلك في ليلة القدر في رمضان.

والدليل على ذلك قول الله عز وجل: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:٤].

قال المفسرون: المراد: يكتب تقدير السنة للإنسان.

وقد أشار شيخ الإسلام رحمه الله إلى هذا في قوله: [ونحو ذلك]، وأثبت كتابة أخرى غير الكتابة في اللوح المحفوظ وجاء لها بمثال واحد، وأجمل الثاني.

فأما المثال الذي جاء به فهو التقدير العمري، وذكر حديث ابن مسعود أو بمعناه.

وأما الثاني؛ فإنه لم يصرح به، وإنما أشار إليه في قوله: [ونحو ذلك].

قال المؤلف رحمه الله: [فهذا التقدير قد كان ينكره غلاة القدرية قديماً ومنكروه اليوم قليل].

وقد ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لما سألوه وقالوا: (يا رسول الله! أنعمل في شيء مضى وانقضى أم في أمر مستقبل؟)، يعني: هل نعمل في شيء قد كتبه الله علينا سابقاً أو نعمل في شيء مستقبل؟ يعني: نحدثه نحن؟ (قال: بل في شيء مضى وانقضى، قالوا: ففيم العمل؟)، يعني: لماذا نعمل.

(قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له).

<<  <  ج: ص:  >  >>