قد يقول قائل: إن قول الله عز وجل فيها: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة:١٤٣] خطاب عام يشمل المسلمين جميعاً، فيدخل فيه أهل البدع؛ لأن أهل البدع ليسوا كفاراً، فكيف يقال: إنهم ليسوا وسطاً؟ والجواب على هذا بسيط وهو أن نقول: إن هذه الآية خوطب بها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قبل أن يقع التفرق والاختلاف فلما وقع التفرق والاختلاف أتينا إلى هذه الآية فوجدنا أن أسعد الناس بأن يكون وسطاً هم: أهل السنة والجماعة أتباع الصحابة.
وأما أهل البدع فإنهم انحرفوا عن منهج الصحابة وعن الوسطية التي وصف الله سبحانه وتعالى بها منهج الصحابة.
قال المؤلف رحمه الله:[فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك -يعني: يؤمنون بهذه الوسطية- كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه العزيز، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل هم الوسط في الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم].
وهنا نلاحظ أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرجح أن معنى الوسطية هو: التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط.
وقوله عن أهل السنة بأنهم الفرقة الناجية، وصفوا بأنهم فرقة ناجية من أمرين: الأمر الأول: من التفرق.
والأمر الثاني: من النار التي توعد الله عز وجل بها الفرق المخالفة للصراط المستقيم.