للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقيدة أهل السنة في كرامات الأولياء]

وموضوع كرامات الأولياء بحثه العلماء في موضوع العقائد لوجود بعض الضالين في هذا الباب، فقد ضلت في كرامات الأولياء طائفتان: الطائفة الأولى أنكرت، والطائفة الثانية غلت، فأما الطائفة التي أنكرت فهي المعتزلة، وأما الطائفة التي غلت فهي الصوفية، وسيأتي الحديث عنهما بإذن الله.

أما عقيدة أهل السنة في كرامات الأولياء فهم يعتقدون أن كرامات الأولياء جارية على أيدي أولياء الله سبحانه وتعالى، وهي أمور خارقة للعادة والطبيعة والجبلة، وهي داخلة ضمن معجزات الأنبياء، ومعنى قولنا: داخلة ضمن معجزات الأنبياء يعني: أن هذه الكرامات تدل على صحة وصدق الأنبياء، فلو لم يكن مصدقاً بالأنبياء ومؤمناً بحقيقة دينهم لما صح أن يكون ولياً، ثم لما صدق بصحة الأنبياء أجرى الله عز وجل على يديه هذه الكرامات، إذاً فهذه الكرامات فرع من معجزات الأنبياء، ولهذا قال بعض العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم حصلت له جميع معجزات الأنبياء، وذكر بعض أهل العلم ممن شرح العقيدة الواسطية نماذج لبعض المعجزات التي صارت للأنبياء ولم تعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذاته، مثل: إلقاء إبراهيم عليه السلام في النار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلق في النار، لكن قلنا: إن كل معجزة من معجزات الأنبياء فقد أجراها الله عز وجل معجزة لرسوله صلى الله عليه وسلم سواء كانت منه هو صلى الله عليه وسلم أو وقعت كرامة لأحد الأولياء من المسلمين المتبعين له عليه الصلاة والسلام، فمعجزة إبراهيم عليه السلام عندما ألقي في النار حصلت كرامة لـ عبد الله بن ثوب المكنى بـ أبي مسلم الخولاني فإنه ألقي في النار، والذي ألقاه الأسود العنسي، فلم يحترق، ومعجزة انفلاق البحر لموسى عليه السلام حتى جرى على اليبس حصلت للعلاء بن الحضرمي، فإنه دعا الله عز وجل وخاض في الماء حتى قطع النهر ولم يغرق أحد لا من الخيل ولا من الرجال، وهكذا العديد من النماذج المتعددة والتي نجد من خلالها أنه لم تكن المعجزة في فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو قوله وإنما كانت في ولي من أولياء الله عز وجل المصدقين به، فلما كانت هذه المعجزة في أحد الأولياء ممن صدق بنبوة النبي كان ذلك أيضاً معجزة له صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو لم يكن هذا الولي مصدقاً بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم لما أجرى الله عز وجل هذه الكرامة له.

وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في النبوات وقد بينها ووضحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>