ثانياً: سبب تأليفها: ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في حكايته للمناظرة التي حصلت بسبب العقيدة الواسطية: أنه جاءه قاضٍ من واسط، وواسط مدينة تقع بين الكوفة والبصرة في جنوب العراق -سميت واسطاً لتوسطها بين الكوفة والبصرة- جاء هذا القاضي حاجاً ومر ببلاد الشام، ووجد شيخ الإسلام رحمه الله، وطلب منه أن يكتب له عقيدة، وذكر له أن الناس اختلفوا في العقائد، فقال له: أريدك أن تكتب لي عقيدة أنقلها عنك، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بداية الأمر: إن الناس كتبوا عقائد كثيرة فارجع إليها، فألح عليه هذا القاضي، وسماه ابن تيمية رحمه الله رضي الدين الواسطي، ونسبه إلى مذهب الشافعي رحمه الله، فكتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذه العقيدة، وهذا السبب نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، فهو ليس مأخوذاً من كتب التاريخ، أو من توقعات بعض تلاميذه، وإنما هي مأخوذة من كلام شيخ الإسلام رحمه الله نفسه.
وقد عظمها شيخ الإسلام ابن تيمية كثيراً عندما حكى المناظرة التي حصلت له مع أهل الكلام من الأشاعرة والماتريدية وغيرهم، وقال: إن هذه العقيدة جمعت أبواباً كثيرة، وأن في كل كلمة منها خلافاً مع فرقة من الفرق، وهذا يدل على أنه كان يكتب هذه العقيدة بعناية تامة، وأنه كان في كل كلمة يعرف من يقصد وماذا يقصد، وما هو ميزانها، مع أنه كتبها رحمه الله تعالى في جلسة بعد صلاة العصر، وكان عمره في تلك الفترة ثلاثة وثلاثين سنة، يعني: كان في بداية نشأته العلمية، إلا أنه رحمه الله كان عالماً فحلاً عظيماً أجيز بالإفتاء قبل العشرين.