معرفة الصفات تؤخذ من ثلاث طرق: الطريق الأول: هو دلالة الأسماء عليها، والقاعدة: أن كل اسم من أسماء الله عز وجل يدل على صفة من الصفات، فالعليم اسم يدل على صفة العلم، والحي اسم يدل على صفة الحياة، وهكذا كل اسم من أسماء الله عز وجل يدل على صفة من صفات الله عز وجل.
الطريق الثاني: أن ينص الشرع سواء القرآن أو السنة على صفة من صفات الله عز وجل، بشرط أن تكون هذه الآية أو هذا الحديث من آيات أو من أحاديث الصفات، مثل: السمع والبصر كما سبق أن مثلنا.
الطريق الثالث: دلالة الفعل على الصفة.
فإذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(يضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره)، فإن هذا الفعل يدل على صفة وهي الضحك، أو صفة النزول أو نحو ذلك.
فهذه ثلاث طرق تدل على صفات الله سبحانه وتعالى.
وكثير من الناس لا يفرق بين الآيات التي تدل على الصفات والآيات التي لا تدل عليها، فمثلاً تجد بعض الناس يقول: نثبت صفة الجنب لله عز وجل، ثم يستدل على ذلك بقوله:{عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}[الزمر:٥٦]، هذا خطأ، فإن هذه الآية ليست من آيات الصفات، ولهذا فسرها كل العلماء بقولهم: على ما فرطت في قدر الله عز وجل ومكانته سبحانه وتعالى؛ لأن هناك دليل يدل على هذا المعنى وهو قوله:((فَرَّطْتُ))، ولو كانت صفة ذاتية تسمى الجنب لما صح أن يقال: فرطت؛ لأنه لا علاقة بين الصفة الذاتية -الجنب- مع التفريط، وإنما المقصود بالجنب الجناب، وليس هذا تأويل، بل هذا هو تفسير للآية، وحينئذ نقول: إن هذه الآية ليست من آيات الصفات.
وكذلك قول الله عز وجل:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة:١١٥]، فإن هذه الآية لا يؤخذ منها إثبات صفة الوجه، وإن كانت صفة الوجه ثابتة من غير هذه الآية، مثل قوله:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:٢٧]، فقوله:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة:١١٥] ليس من آيات الصفات؛ لأن المقصود بالوجه هنا الجهة وليس المقصود الوجه الذي هو صفة من صفات الله عز وجل.
الدليل على هذا قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}[البقرة:١١٥]، فالمشرق جهة الشرق، والمغرب جهة الغرب، ((فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا)) يعني: جهة الشرق أو جهة الغرب، ((فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)) يعني: فهناك {وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة:١١٥] يعني: جهة الله عز وجل، وهذه بينها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.