التكييف هو حكاية كيفية معينة للصفة، ولا شك أن صفات الله عز وجل لها كيفية في ذاتها لكن لا نعلمها نحن، فالله عز وجل لم يخبرنا بكيفية صفاته فهي من الغيب الذي لا نعلمه، لكن نعلم معانيها وما تدل عليه.
والفائدة من بيان الله عز وجل لنا لهذه الصفات من جهة المعاني وجعل كيفياتها غيباً هو: أن معانيها عندما ندركها نستفيد منها سلوكاً وآداباً وأعمالاً نستثمرها في التعبد لله عز وجل.
وأما إدراك الكيفية فإن العقل لا يمكن أن يدركه الآن؛ لأن العقل لا يدرك الشيء إلا برؤيته، أو برؤية نظيره، أو بخبر الصادق عنه، ونحن لم نر الله عز وجل بأعيننا في الدنيا، وكذلك لم نر شبيهاً له، وهو سبحانه وتعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١]، وكذلك لم يخبرنا الصادق عن كيفية محددة لها، ولهذا لما جاء الرجل إلى الإمام مالك رحمه الله، وقال: يقول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] كيف استوى؟ فقال الإمام مالك قاعدة، وهذا من بركة علوم السلف؛ فإن السلف رحمهم الله كما يقول ابن القيم رحمه الله: كان كلامهم قليل لكنه كثير البركة، وكلام الخلف كثير لكنه قليل البركة، فهذا الإمام مالك رحمه الله عندما قال له الرجل ذلك قال: الاستواء معلوم.
يعني: في اللغة، وفي لفظ آخر: الاستواء غير مجهول.
يعني: معلوم من ناحية دلالته.
والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
وصفات الله عز وجل لها كيف في الحقيقة، لكننا لا ندرك كيفياتها؛ لأننا لم نرها، ولم نر مثيلاً لها، ولم يخبرنا الصادق -وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم- عن مثيل لها.
والتمثيل هو: حكاية مثل معين، وشيخ الإسلام رحمه الله في هذه العقيدة كان دقيقاً، فهذه العقيدة محررة حتى في الألفاظ، كما تلاحظون: تمثيل دون تشبيه، وقال: ولا تكييف ولا تمثيل؛ لأن استخدام كلمة تشبيه خطأ؛ إذ لا بد أن يوجد بين أي شيئين مشابهة ولو في الألفاظ، وهذا ما سيأتي معنا إن شاء الله الحديث عنه في الكلام على القدر المشترك بين صفات الله عز وجل وصفات خلقه.