[الفرق بين التشابه والتماثل وبيان المنفي منهما في نصوص الوحي]
هناك مسألة يذكرها بعض أهل العلم وهي: هل التشابه هو التماثل؟ وهل هما بمعنى واحد أم هناك فرق بينهما؟ وما هو الذي نفاه الشرع؟ والجواب على هذا نقول: الآيات الواردة في النفي عن الله عز وجل يراد به نفي التماثل والأنداد والسمي.
وهل التشابه والتماثل بمعنى واحد؟ هذه المسألة فيها قولان مشهوران: القول الأول: أن التشابه والتماثل بمعنى واحد، وهذا قول المعتزلة والأشاعرة والماتريدية.
القول الثاني: أن التشابه ليس هو التماثل، بل بينهما فرق، وهذه المسألة مبنية على مسألة مختلف فيها وهي: هل يمكن أن يشبه الشيء الشيء من وجه دون وجه، أو أنه لا بد أن يشبهه من كل الوجوه؟ فمن قال: يمكن أن يشبه الشيء الشيء من وجه دون وجه قال: هناك فرق بين التشابه والتماثل.
ومن قال: لا يمكن أن يوجد شبه للشيء بالشيء من وجه دون وجه قال: لا يمكن أن يكون هناك تماثل.
والصحيح الذي تدل عليه اللغة ويدل عليه الشرع والعقل هو: أن التماثل يختلف عن التشابه، فالتماثل هو التوافق في حقيقة الصفات أو في حقيقة الذات.
وأما التشابه فهو ما يمكن أن يشبه الشيء من وجه دون وجه، فالألوان جميعاً تتشابه من وجه وهو أنها ألوان، لكن لا يمكن لأحد أن يقول: إنها متماثلة؛ لأن الأسود لا يماثل الأبيض.
والأشياء القائمة بنفسها أنواع متعددة، فهي تتفق في كونها قائمة بنفسها لكنها تختلف، فالنار قائمة بنفسها وتختلف عن الماء وهو قائم بنفسه، والإنسان قائم بنفسه ويختلف عن النباتات وهي قائمة بنفسها، والنباتات قائمة بنفسها وهي تختلف أيضاً عن الحيوانات، فلا يصح أن يقال إن المشابه من وجه دون وجه مماثل له في كل الخصائص والصفات.
وفائدة هذا الكلام: هو أنه لما كانت هناك موافقة بين أسماء الله وصفاته وبين أسماء بعض مخلوقاته وصفاتهم، ورد التشابه في الأسماء، والقدر المشترك أن الاتفاق في الأسماء لا يقتضي التماثل والاتفاق في المسميات.
فهذه خلاصة المسألة، ويمكن أن نختمها بأن التشابه ليس هو التماثل، بل يمكن للشيء أن يشبه الشيء من وجه دون وجه، ولا يقال: إنه مثله؛ لأن الأشياء بينها قدر مشترك وقدر مميز، والقدر المشترك لا يستلزم القدر المميز، بل هناك فرق بينهما.