نحن ندرك من قوله تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:١] أن الله واحد، وواحد في ثلاثة أمور: واحد في الربوبية، وواحد في الألوهية، وواحد في الأسماء والصفات.
واحد في الربوبية يدل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف:٥٤]، (ألا) أداة تنبيه، واللام في قوله:((لَهُ)) حرف الجر، والهاء ضمير متصل في محل جر، و (الخلق والأمر) مبتدأ مؤخر وكان حقه التقديم، والمعنى: الخلق والأمر له، فلما قدم ما حقه التأخير دل على أن التقديم لفائدة بلاغية، وهي إفادة الحصر، فالمعنى: أن الله هو له الخلق فقط، وليس لأحد غيره أن يخلق، وله الأمر فقط، وليس لأحد غيره أن يأمر.
والأمر والقضاء والإرادة تنقسم إلى قسمين: أمر وإرادة وقضاء كوني، وأمر وإرادة وقضاء شرعي.
فالمعنى: أن الله مختص بالخلق وبالأمر الكوني والشرعي.
وتوحيد الألوهية يدل على الحصر والاختصاص، وفيه الكلمة المشهورة في توحيد الألوهية: لا إله إلا الله؛ فإن لا إله إلا الله نفي وإثبات تدل على الحصر، وفي الأسماء والصفات:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:١٨٠]، ووجه الدلالة من هذه الآية هو نفس وجه الدلالة من قوله:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف:٥٤]، فإنه تقدم الجار والمجرور وتأخر المبتدأ لإفادة الحصر، وأن الأسماء خاصة بالله سبحانه وتعالى.