للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شبهة الجهمية والمعتزلة في قولهم بأن القرآن مخلوق]

السؤال

بماذا تمسك الجهمية والمعتزلة في قولهم: القرآن مخلوق؟

الجواب

سبق أن أشرت إلى أصل كلام المعتزلة في قولهم بأن القرآن مخلوق، وهو أنهم: عندما ابتدعوا دليل حدوث الأجسام على إثبات وجود الله عز وجل التزموا بهذا الدليل: أن الله عز وجل لا تقوم به الأفعال، وأن الله عز وجل لا يفعل ما يشاء متى شاء! فقالوا إذاً: كل الأفعال مخلوقة، ومنها القرآن، والكلام، فتوصلوا إلى هذه النتيجة، ثم جمعوا من القرآن والسنة ما ظنوا أنه يدل على قولهم، وهو لا يدل، فمثلاً بعضهم يستدل بقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر:٦٢]، قالوا: ما دام أنه خلق كل شيء، فمن ذلك القرآن! وهذا كلام باطل؛ لأن الله عز وجل يقول: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد:١٦] فعندنا: (الله) هو الخالق، و (كل شيء) هو المخلوق، فالله عز وجل المقصود به: الله عز وجل وصفاته، يعني: إذا قيل: (الله) فهو بصفاته سبحانه وتعالى، ومن صفاته الكلام، والقرآن من كلامه سبحانه وتعالى، فالقرآن ليس داخلاً في كل شيء، وإنما هو تابع لكلمة (الله) وليس داخلاً في كل شيء، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى: فإن الله سبحانه وتعالى أخبر بقوله: (كل) عن الأغلب والأعم، كما في قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف:٢٥]، هذا يدل على أن مساكنهم لم تدمر، مع أنه قال: (كل شيء) وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>